"للأحذية وجوه" .. سرد اجتماعي ساخر - ترند نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لم تعد تغريني كثيرا قنوات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، طلقتها ولم أعد أتتبع ما تقدمه من برامج وأعمال خيال.

هذه المرة على مواقع التواصل الاجتماعي تحدثت الباحثة أسية الزيزاوي، المهتمة بإحياء اللغة الأمازيغية بجامعة إسبانية، بإعجاب تؤطره نبرة تفاؤلية عن السلسة التي أشرفت على تنفيذها شركة ثازري للإنتاج.

اعتبرت أسية الزيزاوي أن سلسلة “للأحذية وجوه” عمل تلفزي متميز ضمن برمجة القناة الثامنة في شهر رمضان الحالي؛ يتناول قضايا آنية بأسلوب الفكاهة السوداء، التي لا تؤدي وظيفة إضحاك المشاهد فحسب، بل تفرض عليه التفكير والتعمق، مما قد يزعزع رؤيته للأشياء.

تابعت السلسلة على منصة “يوتوب” إشباعا لفضولي وتقديرا لباحثة ضمن اهتمامها دراسة أعمال الخيال، وارتأيت أن أضع شهادتها على المحك.

هي حكاية أختين إسكافيتين تعملان عند رجل قصير مفعم بالحس التجاري يسمى “عنتار”، يجولون جميعهم في دروب المدن والقرى بدكان متنقل لتقديم خدمة إصلاح الأحذية.

بطلتا المسلسل “ثابزوحث” و”ثمعنانت” تكشفان بالصوت والصورة كيف يتحول الحذاء من لباس للأقدام إلى كائنات تنطق بقصص وتروي حكايات بحس فكاهي مدروس، فتارة يخضعون مواضيع جدية للسخرية، وتارة يتم توظيف مواقف غير متوقعة، وتارة أخرى يلعبون بالكلمات أو الحركات الغبية والساذجة ليعكسوا ويفضحوا تناقضات وهفوات الزبناء الذين يريدون إصلاح أحذيتهم.

السلسة تسائل الجانب الاجتماعي والنفسي للإنسان انطلاقا من حالة حذائه، من لونه، من شكله، من مواقفه، ومن مصدره أيضا. نصادف مشاهد فيها قراءة للتحركات اليومية للإنسان، لنجاحاته، لتعثراته وحتى كبواته، انطلاقا من قاعدة من أين يمر الحذاء يمر صاحبه، كما جاء في أحد الحوارات في الحلقة الأولى التي تطرقت إلى قصة لمقدم المسجد الذي يأخذه حذاؤه إلى أمكنة محرمة دينيا، مما يضطره الى التنكر لها بعد انفضاح أمره.

زبناء “ثابزوحث” و”ثمعنانت” لهم طلبات تحمل بعض الغرابة، لكنها تلامس حياة المشاهدين اليومية من قبيل طلب تحويل حذاء رجالي إلى حذاء نسائي، في إشارة إلى ظاهرة التحول الجنسي بشكل غير مباشر، أو حالات عدم الرضى عن الوضع الجسماني. لذا بعض الأفراد كقصة سيدة ترفض أن تعترف بمقاس رجليها، مما يؤكد فكرة الدكتورة أسية الزيزاوي، التي أكدت ان السلسلة تستوجب قسطا من الذكاء لفهم معانيها والوقوف على دلالاتها.

السلسلة استطاعت أن تتجنب الوقوع في التكرار من خلال تنوع مواضيعها، وكذلك زبنائها، الذين ينتمون إلى فئات اجتماعية مختلفة، عبر اعتماد سرد بصري ممتع معبر عنه من زوايا مختلفة. التفاعل الإيجابي بين الثالوث “عنتار”، “ثابزوحث” و”ثمعنانت” أضاف نكهة لافتة، وهم يشخصون أدوارهم بشكل طبيعي ومتناغم، خاصة الأختين، مما أضفى مصداقية على علاقتهما الأخوية، زكاها الشبه القائم بينهما، وهذا يؤشر على وجود توجيه احترافي من المخرج وسام بوزكَو رغم أنها خطوته الأولى في الإخراج التلفزي.

الثبات على هذا الأسلوب في الحلقات القادمة قد يحرك أحذية المسؤولين إلى مقر القناة الأمازيغية للتنويه بهذا العمل المميز.

قام بالأدوار الرئيسية كل من نوميديا، محمـد بنسعيد ولبنى اجبيلو، والسيناريو للكاتبين بنعيسى المستيري ومحمـد بوزكَو.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق