في باب تنفيذها السياسة الجنائية، رصد تقرير رئاسة النيابة العامة، الصادر حديثاً، برسم سنة 2023، حصيلة “التصدي للانتهاكات الماسّة بحقوق الإنسان”، مبرزا “تفاعُل النيابات العامة بمختلف محاكم المملكة سنة 2023 مع الادعاءات والتظلمات المرتبطة بالتعذيب والعنف وسوء المعاملة، سواء تلك التي قُدمت بشأنها شكايات أو بمناسبة إجراء فحص طبي من طرف النيابة العامة عند تقديم الأشخاص أمامها”.
وأوردت بيانات التقرير، في شق الاستنتاجات العامة، أن “النيابات العامة تلقّت سنة 2023 ما مجموعه 187 شكاية تتعلق بادعاءات العنف، و84 شكاية تتعلق بادعاء سوء المعاملة، وكذا 13 شكاية تتعلق بادعاء التعذيب، مسجلة ما مجموعه 27 شكاية تتعلق بادعاء الاعتقال التعسفي؛ كما أمرت بإجراء 300 فحص طبي على الأشخاص المقدمين أمامها، إمّا بناء على طلبهم أو تلقائيا كلما تمت معاينة آثار جروح أو كدمات تستوجب ذلك”.
وقالت رئاسة النيابة العامة، ضمن التقرير المرفوع إلى الملك، إنه “تعزيزا لحماية الأشخاص المحرومين من حريتهم من كافة أشكال التعذيب وسوء المعاملة تسهر النيابات العامة على تفعيل دورها الوقائي من خلال الحرص على القيام بزيارات منتظمة إلى كل أماكن الاعتقال”، مؤكدة “تميّز سنة 2023 بتسجيل ارتفاع في عدد الزيارات المنجزة؛ وبالتالي تحقيق نتائج جد إيجابية”.
زيارات في ارتفاع
تم حسب البيانات الرسمية “إنجاز 22.032 زيارة إلى أماكن الحراسة النظرية، بنسبة فاقت بـ 116 % مجموع الزيارات المفترضة قانوناً، وكذا 1058 زيارة إلى المؤسسات السجنية، بنسبة فاقت بـ 117% مجموع الزيارات المفترض القيام بها قانونا”.
كما أكدت الهيئة الرسمية المنجزة لتقريرها السنوي “إنجاز 198 زيارة إلى مؤسسات علاج الأمراض العقلية والنفسية، بنسبة فاقت بـ 155% مجموع الزيارات المفترضة قانونا؛ مقابل 76 زيارةً إلى مراكز حماية الطفولة”.
“انخفاض الاعتقال الاحتياطي”
وبينما استحضرت رئاسة النيابة العامة جهودا “استثنائية” لضبط وتتبع وضعية الاعتقال الاحتياطي بالمؤسسات السجنية لفتت إلى “تسجيل انخفاض في معدل الاعتقال الاحتياطي ليبلغ متم سنة 2023 نسبة %37,56 من مجموع الساكنة السجنية”، مرجعة الفضل في ذلك إلى “المقاربة التشاركية التي اعتمدتها مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية لترشيد الاعتقال الاحتياطي، تجسدت في الدورية المشتركة عدد 2023/01 الموقعة من طرف الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة بتاريخ 01 يونيو 2023، التي من مخرجاتها تأسيس خلايا محلية وجهوية ومركزية لتتبع الاعتقال الاحتياطي؛ ما أسفر عن نتائج جيدة مكنت من تخفيض عدد المعتقلين الاحتياطيين”.
“ورغم انخفاض معدل الاعتقال الاحتياطي إلا أن الساكنة السجنية شهدت ارتفاعا سنة 2023، إذ تجاوزت عتبة 100.000 سجين في شهر غشت من هذه السنة، ما اقتضى توجيه بلاغ إلى الرأي العام لتوضيح أسباب هذا الارتفاع، مع عقد اجتماعات متعددة مع القطاعات المعنية لمعالجة المشاكل المتعلقة بالاكتظاظ بالسجون”، تورد رئاسة النيابة العامة في تقريرها السنوي السابع.
واستعرضت الوثيقة حصيلة “الخط المباشر للتبليغ عن الرشوة”، الذي تلقى منذ إطلاقه بتاريخ 14 ماي 2018 إلى حدود 31 دجنبر 2023 ما مجموعه 77.507 مكالمات، تتوزع بين مكالمات تهم التبليغ عن جريمة الرشوة وباقي جرائم الفساد المالي وأخرى تتعلق بمواضيع مختلفة.
ومكّن اعتماد الخط من “ضبط 299 حالة تلبس بجريمة الرشوة؛ صدَرت في أغلبها أحكام بالإدانة، فيما مازالت بعض القضايا في طور التحقيق أو المحاكمة”، حسب المصدر ذاته.
زيادة مكافحة الجرائم المالية
حسب رئاسة النيابة العامة فإن عدد القضايا الرائجة أمام أقسام الجرائم المالية سنة 2023 بلغ “ما مجموعه 948 قضية؛ بنسبة ارتفاع 32% مقارنة بسنة 2022 التي بلغ فيها عدد القضايا الرائجة 716 قضية”.
هذا الارتفاع يُبرز، وفق الهيئة المعدّة للتقرير، “الجهود المبذولة من طرف النيابات العامة ومختلف مكونات العدالة الجنائية لدى أقسام الجرائم المالية والشرطة القضائية للتصدي الفعّال لجرائم الفساد المالي؛ بما أدى إلى زيادة عدد المتابعات بشأن هذا الصنف من الجرائم”.
كما حققت النيابات العامة لدى المحاكم المتخصصة في قضايا غسل الأموال سنة 2023 “تقدما ملحوظا” في معالجة وتدبير الأبحاث المتعلقة بجريمة غسل الأموال، تمثّلَ أساسًا في إنهاء جميع الأبحاث بخصوص المحاضر المسجلة برسم سنة 2020 وما قبلها. وفي المقابل مازال 1349 محضراً في طور البحث؛ من ضمنها 3 محاضر ترجع إلى سنة 2021، أما الباقي فيخص سنتي 2022 و2023.
ويرجع سبب هذا التأخير إلى “ما تتسم به جريمة غسل الأموال من تعقيد وما تتطلبه من خبرات مالية وتعدد المتدخلين للوصول إلى الحقيقة بشأنها”، بتعبير التقرير، الذي سجل إيجابية المجهود المبذول في تصفية الأبحاث الجنائية، مشيرا إلى “الرفع بشكل ملحوظ في عدد قضايا غسل الأموال، لتتميز سنة 2023 بصدور أكبر عدد من الأحكام في هذه القضايا، التي بلغت 134 حُكمًا، بينما لم يتجاوز عددها سنة 2022 85 حكمًا”.
تطور القضايا المسجلة
بشأن دور النيابات العامة في حفظ الأمن والنظام العام سنة 2023 فقد سُجل “تطور ملحوظ في عدد القضايا المسجلة في مختلف أنواع الجرائم”.
وفي التفاصيل، بلغ عدد القضايا الإرهابية المسجلة سنة 2023 “ما مجموعه 123 قضية، تُوبع بشأنها 119 شخصا”؛ في حين سجلت 73.130 قضية متعلقة بالجرائم الماسة بالأمن والنظام العام، توبع فيها 85442 شخصا.
أما عدد القضايا المتعلقة بالجرائم ضد الأشخاص فبلغت خلال السنة المذكورة 146.568 قضية، توبع بموجبها 181.861 شخصا؛ فضلا عن بلوغ قضايا الجرائم ضد الأموال 72.554 قضية، توبع بموجبها 88.347 شخصا.
وتُوبع 28.927 شخصا في القضايا المتعلقة بالجرائم الماسة بنظام الأسرة والأخلاق العامة، التي بلغت 24.761 قضية. أما القضايا المتعلقة بالتزوير والتزييف والانتحال فوصلت إلى 9072 قضية، توبع فيها 12.273 شخصاً، حسب البيانات الرسمية.
0 تعليق