أثارت المشادات الكلامية بين رئيسة مجلس جهة كلميم واد نون وبين فريق المعارضة، خلال أشغال الدورة العادية لشهر مارس الجاري، الكثير من الجدل وسط الرأي العام المحلي، وخلقت الاتهامات بـ”تبذير النفقات وسوء التسيير” من لدن المعارضة موجة استغراب كبيرة حامت حول مدى انعكاس الميزانيات “الضخمة” المرصودة للجهة على أقاليمها الأربعة؛ والتي ما زالت ترزح تحت وطأة جملة من “النواقص البنيوية” واستشراء معدل البطالة في صفوف شباب المنطقة.
وطالبت العديد من الأصوات المحلية، من سياسيين ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بالمراقبة وربط مبدأ المسؤولية بالمحاسبة في العديد من الملفات المثارة داخل أشغال الجلسة وحول حصيلة المكتب المسير الحالي الذي فضّل تقديمها بعيدا عن أنظار أعضاء المجلس لأسباب غير مفهومة.
جدل الملعب
وجّه إبراهيم حنانة، عضو مجلس جهة كلميم واد نون، انتقادات لاذعة إلى مشروع بناء ملعب رياضي بكلميم بسعة 10,000 متفرج وبتكلفة 25 مليار سنتيم، معتبرا أن هذا المشروع يعد نموذجا لهدر المال العام، خاصة عند مقارنته باتفاقية سابقة تم توقيعها في عهد الراحل عبد الوهاب بلفقيه لبناء ملعب بسعة 20,000 متفرج وبتكلفة 15 مليار سنتيم، بشراكة بين جماعة كلميم ووزارة الشباب والرياضة ووكالة تنمية أقاليم الجنوب.
وأكد حنانة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذه الاتفاقية القديمة لا تزال سارية المفعول، وأن العائق الوحيد الذي كان يحول دون تنفيذها هو توفير الوعاء العقاري؛ مما يطرح تساؤلات حول سبب تجاهلها واللجوء إلى مشروع جديد بتكلفة مضاعفة وسعة أقل، خاصة أن “مباركة بوعيدة، رئيسة الجهة، نفت علمها بهذه الاتفاقية ما زاد من حدة هذا الجدل”.
انتقادات عضو المعارضة لم تتوقف عند هذا الحد؛ بل امتدت إلى مقارنة تكلفة ملعب كلميم بمشاريع مماثلة في مدن أخرى، موضحا أنه “تم تخصيص 14.5 مليارات سنتيم فقط لإنجاز ملعب بالسعة نفسها في مدينة تامسنا؛ الشيء الذي يثير تساؤلات عن سبب تضاعف تكلفة المشروع في كلميم، ومدى احترام معايير الشفافية في تحديد الميزانيات”.
كما دعا إبراهيم حنانة إلى “إعادة النظر في توزيع هذه الميزانية”، مقترحا توجيهها لـ”إنشاء ملاعب في أقاليم أخرى داخل الجهة، مثل إقليم سيدي إفني وآسا الزاك أو طانطان، لضمان توزيع عادل للبنية التحتية الرياضية بدلا من التركيز على مدينة كلميم فقط”.
خروقات بالجملة
قال محمد بودرار، زعيم فريق المعارضة بمجلس جهة كلميم وادنون، إن التأشير على تحويل مالي لجمعية دون وجود اتفاقية يشكل خرقا قانونيا صارخا وضربا لمصداقية المؤسسات، مضيفا أن “المعارضة نبهت لخطورة هذه النقطة خلال الدورة السابقة، مطالبة بعدم تمريرها؛ إلا أن والي الجهة اختار شرعنة هذه التجاوزات بدل التصدي لها، مما يستوجب فتح تحقيق عاجل”.
وشدد بودرار، في تصريحات لوسائل الإعلام، على أن هذه الممارسات “ممنهجة” وتكرس “العبث” في التدبير، مطالبا وزير الداخلية بـ”عزل الوالي ورئيسة المجلس”، باعتبار أن “ما وقع يُعد خرقا فاضحا لا يمكن السكوت عنه”.
كما تساءل المستشار الاتحادي عن المعايير التي يتم اعتمادها في التعامل مع مثل هذه القضايا، مستنكرا “ازدواجية المعايير التي تؤدي إلى عزل بعض الرؤساء بسبب خروقات بسيطة؛ بينما يتم التغاضي عن تجاوزات خطيرة تهدد أسس الحكامة والديمقراطية المحلية”.
توضيح بوعيدة
للاستفسار عن حيثيات الجدل حول أشغال الدورة العادية لشهر مارس، خاصة فيما يتعلق بتدبير الميزانيات والمشاريع التنموية، وعلى رأسها مشروع بناء ملعب كلميم الذي أثار نقاشا واسعا داخل الأوساط الوادنونية، ربطت جريدة هسبريس الاتصال بمباركة بوعيدة، رئيسة مجلس جهة كلميم واد نون، التي أكدت أن “الدورة ناجحة وعرفت تصويتا بالإجماع على غالبية النقاط المدرجة في جدول الأعمال، وأن ما يدور حاليا من نقاشات هو نتيجة لعبث بعض المشوشين على الرأي العام المحلي”.
وبخصوص الحصيلة المرحلية للمكتب المسير، أوضحت المسؤولة الجهوية أن “المجلس نظم ندوة صحافية بمقر الجهة نهاية فبراير الماضي، تم خلالها تقديم الحصيلة المرحلية لمنجزات المجلس ومرت في أجواء شفافة وتفاعلية”، مؤكدة أن “الندوة عرفت دعوة كافة أعضاء المجلس؛ بمن فيهم أعضاء المعارضة، وشارك خلالها عدد كبير من المنابر الإعلامية الجهوية والوطنية”.
وفي ردها على النقاش الذي رافق المصادقة على مشروع بناء ملعب بمدين كلميم، سجلت رئيسة الجهة أن “المجلس ملتزم بالانخراط في الدينامية الوطنية المرتبطة بتنظيم المغرب لكأس العالم 2030، من خلال الاستثمار في بنية تحتية رياضية بمعايير دولية والعمل على مشاركة المنطقة بشكل مباشر أو غير مباشر في التظاهرة العالمية”، مشيرة إلى أن “الجهة ليست الجهة المخولة لتحديد الميزانية المرصودة لهذا المشروع؛ بل إن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والوزارة الوصية هما من حددا المبلغ المخصص لإنجاز هذا الورش الكبير، والمقدر بـ250 مليون درهم”.
وفي معرض حديثها عن الجدل المثار حول دعم مجلس جهة كلميم واد نون لجمعية جهات المغرب، قالت مباركة بوعيدة، رئيسة الجهة ورئيسة الجمعية، إن المساهمة في تمويل الجمعية لا تشكل حالة تنافٍ؛ بل على العكس، تندرج ضمن المسؤولية الملقاة على عاتق رؤساء الجهات لضمان تحقيق أهداف الجمعية ومواكبة عمل المجالس الجهوية، مضيفة أن “المجلس ملتزم بالشفافية في جميع الإجراءات المتعلقة بتمويلها أو التعاون معها”.
وشددت المتحدثة على أن جمعية جهات المغرب تُعد مؤسسة داعمة للجهات، كما تعمل على تعزيز الجهوية المتقدمة وتوفير التأطير والمرافعة عن الملفات الجهوية الكبرى؛ مما يستوجب التزام جميع المجالس الجهوية بالمساهمة في صندوق دعم هذه الجمعية، لافتة إلى أن “المجلس الجهوي لكلميم واد نون التزم بهذه المساهمة في إطار دوره المؤسساتي، لضمان استفادة الجهة من التكوينات والدراسات والدعم التقني الذي توفره الجمعية لمجالس الجهات”.
وختمت بوعيدة حديثها لهسبريس بالتأكيد على أن الهدف الأساسي من دعم الجمعية هو تعزيز قدرات المجالس الجهوية في التسيير، والارتقاء بمستوى التدبير الترابي، بما يحقق تنمية مندمجة ومتوازنة بين مختلف جهات المملكة.
0 تعليق